سياسة
12 ألف ناخب عشائري قد يغيّرون موازين زحلة
في عمق البقاع اللبناني، تتقدّم العشائر العربيّة بهدوء نحو موقع سياسيّ لا يمكن تجاهله.
في عمق البقاع اللبناني، تتقدّم العشائر العربيّة بهدوء نحو موقع سياسيّ لا يمكن تجاهله.
لا يشبه المشهد الانتخابي في بعبدا هذا العام أي دورة سابقة. فالدائرة، التي اعتُبرت لعقود مؤشرًا دقيقًا لتوازن القوى بين المكوّنات المسيحيّة والشيعيّة والدرزيّة، تتحوّل اليوم إلى رقعة شطرنج سياسيّة معقدّة تتحرّك عليها الأحزاب بقلق واستنفار، وكأنّ كل خطوة قد تُسقط مقعدًا أو تُحيي فرصة لم تكن ضمن الحسابات.
تخيّم الضبابيّة على دائرة كسروان–جبيل إلى حدّ يجعلها المثال الأبرز على تعقيدات القانون الانتخابي الحالي. فالعائلات التاريخيّة لا تزال اللاعب الأكثر نفوذاً، تُمسك بمفاتيح التأثير وتفرض إيقاع التحالفات، فيما تتعامل الأحزاب معها بوصفها ممرّاً إلزامياً لأي معركة انتخابية ناجحة. هنا تُرسم البوصلة من مجلس العائلة قبل مجلس الحزب، وتُحتسب الأصوات بميزان تُرجّحه العلاقات التقليدية قبل الحسابات الرقميّة.
يقف المتن الشمالي اليوم على فوهة بركان انتخابي يستبق الزمن، فما يجري في هذه الدائرة لا يشبه أيّ معركة انتخابيّة تقليديّة، ولا يخضع لمنطق التنافس المعتاد بين الأحزاب. إنّما يبدو كأنّه اشتباك واسع مفتوح على الاتجاهات كافةً، وصراع أحجام داخل البيت الواحد قبل أن يكون مواجهة بين الخصوم، إنّه امتحان حقيقيّ لوزن كل شخصيّة وحركة وقوّة في الساحة المسيحيّة.
رغم بوادر الانفراج التي بدأت تلوح في الأفق في عدد من الملفات الوطنيّة، يبقى ملفّ تلوث نهر الليطاني خارج دائرة المعالجة الفعليّة، وكأنّه استُثني من أي خطة إصلاحيّة، فهذه القضية، التي تُعدّ من أبرز الكوارث البيئية، لا تزال تراوح مكانها منذ سنوات، رغم كل التحذيرات والدراسات والمشاريع التي وُضعت لمعالجتها.
مدينة زحلة ليست مجرّد مدينة على خريطة البقاع الأوسط، إنّما القلب النابض الذي يحمل بين ثناياه تاريخًا طويلًا من الزعامة والهويّة السياسيّة المسيحيّة، ومعقل طائفة الروم الملكيّين الكاثوليك.